الحراك الإخباري - من أعلام الجزائر : الشيخ مولاي الحبيب بن مولاي عبد الرحمن رحمه الله
إعلان
إعلان

من أعلام الجزائر : الشيخ مولاي الحبيب بن مولاي عبد الرحمن رحمه الله

منذ سنة|دين

من أعلام الجزائر :

الشيخ مولاي الحبيب بن مولاي عبد الرحمن رحمه الله :
ولادته:
 شيخنا ومولانا سيدي الحبيب بن مولاي عبد الرحمن السالي التواتي عليه رحمة الله من مواليد 1929 م بقصر قصبة مولاي عبد الله المعروفة بقصبة بابلة. والده: هو سيدي مولاي عبد الرحمن أحد أعيان البلد ووجهائها تولى القيادة فكان هو القائد ومن بعده كان القائد أكبر أبنائه سيدي محمد القائد رحمة الله عليهم جميعا نشأته: تربى في كنف ورعاية والده حتى بلغ السن الذي اعتاد الناس أن يبعثوا بأبنائهم وفلذات أكبادهم للكتاب, فأدخله والده الكتاب الموجود بقريتهم, ومن كرم الله وفضله كان المعلم رجلاً من أهل الله وخاصته, أعني بذلك سيدي عبد القادر بن سيدي المهدي الأنصاري الخزرجي الذي كان أول من تتلمذ على يديه شيخنا, ولم تكن العلاقة بينهما علاقة المشيخة أو التلمذة وإنما صارت فيما بعد علاقة مصاهرة ونسب, حيث تزوج شيخنا عليه رحمة الله من ابنة شيخه وصفيته السيدة صفية رحمة الله عليها.
طلبه للعلم:
 شاءت إرادة الله عز وجل أن يأتي الشيخ سيدي مولاي احمد الطاهر السباعي الإدريسي لأرض توات, حيث حط رحاله في سالي, ولخصوصية المنطقة وكرم أهلها ونفاسة معدنهم وطيب أصلهم طاب له المقام بها وعزم على تأسيس مدرسة هناك في قصر العلوشية بسالي, وتم له ذلك ذلك بمساعدة المحسننين من أهل الخير الأشراف الأجلاء أبناء السي حمو. وفي أوائل عهد المدرسة قيض الله لشيخنا من يوجهه ويرغبه في الالتحاق بالمدرسة, فالتحق بها وكان عمره قد ناهز التاسعة عشرة, فقبله الشيخ ورحب به, وانتظم في سلك طلبة الشيخ سيدي مولاي احمد, وظل يتردد على المدرسة كل يوم من الغدو إلى الرواح يتابع دروسه وهو على مكان من الشيخ ونظر عناية وإقبال ووداد ومحبة منه له. والملفت للنظر أن العلاقة بين شيخنا سيدي مولاي الحبيب وشيخه سيدي مولاي أحمد لم تكن مجرد علاقة شيخ بتلميذ, وإنما كانت علاقة متميزة, حيث كان أمين سره, له حظوة خاصة عند الشيخ حتى انه كان يلازمه في حله وترحاله, ويرافقه في أسفاره. ومن أهم رحلاته معه رحلته للبقاع المقدسة لأداء فريضة الحج وذلك سنة 1958 وبعد أداء المناسك قصدا لزيارة روضة النبي الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم ولما كانا بأكنافها المقدسة الكريمة أباح له وقتئذ بقصده وهو البقاء مجاورا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة لأسباب خاصة أطلعه عليها. ومن وقتها اسند له مهمة المدرسة وجعله وصيا على أولاده وكل ممتلكاته بتوات وحرر له بذلك وثيقة كتبت بخط المغفور له بإذن الله السيد الحاج احمد بن الصديق الجعفري التيلوليني.
رفقاؤه في الدراسة :
 رافق الشيخ في رحلته العلمية مجموعة من الطلبة كانوا منارات علم ومشايخ هدى تشد لعلمهم الرحال أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر. -الشريف الجليل سيدي محمد بن سيدي مبارك الرقاني الملقب بالفقيه. -الشيخ الجليل سيدي الحاج عبد القادر بن سيدي سالم بن عبد الكريم المغيلي. -الشيخ الفاضل صاحب التآليف العديدة الشيخ الحاج محمد باي بلعالم. -العالم الأنصاري سيدي احمد البوحامدي المعروف بالنحوي. -الأنصاري سيدي احمادو البوحامدي. -الشيخ الجليل الحاج امحمد بن مالك.
 خلافته لشيخه في المدرسة وتوليه التدريس بها بعد عودته من البقاع المقدسة مباشرة اهتم بشؤون المدرسة شاعراً بالمسؤولية الملقاة على عاتقه, متحملا الأمانة, مضطلعا بها على أحسن وجه, فكان رحمة الله عليه عند حسن ظن شيخه به, حيث سخر كل ما عنده من جهد ووقت من أجل المدرسة واستمرارية التدريس بها. جلس للتدريس وإدارة الحلقات العلمية كما كلفه بذلك شيخه, وكان بفضل الله تعالى لا يتكلم في باب من أبواب العلم إلا فتح الله عليه من فيوضاته وإمداداته ما يقنع السامعين ويُخرص ألسنة الحساد والمبغضين, وهذا محض فضل من الله تعالى, وببركة دعاء شيخه وتعهده له بالفتح على يده وببركة إخلاصه لله ونيته في شيخه.
فنون العلوم التي كان شيخنا يدرسها لطلبته والمتون التي كان يعتمد عليها كثيرا أولا :
الحديث: صحيح البخاري يتم ختمه مرة كل سنة وكان يوم ختمه يوما مشهودا يحضره الناس من مختلف الجهات والبلاد. ثانيا : العقيدة أو التوحيد:1- متن السنوسية 2- متن الخريدة 3- الجوهرة.
 ثالثا : الفقه: 1- متن المرشد المعين 2- اسهل المسالك 3- أقرب المسالك للدرديري 4- رسالة ابن أبي زيد القيرواني 5- مختصر الشيخ ابي الضياء خليل 6- تحفة ابن عاصم.
 رابعا : علم الفرائض: 1- متن الرسموكي 2- متن الرحبية.
 خامسا الآداب والأخلاق: 1- متن هدية الألباب 2- سراج طلاب العلوم.
 سادسا : علم النحو :1- متن الأجرومية 2- متن الملحة 3- متن الألفية.
 سابعا : البلاغة: -1الجوهر المكنون الشيخ الأخضري.
 مميزات الشيخ عليه رحمة الله:
 1- إقباله على الله وتوطيد علاقته وصلته بمولاه فكان جُلَّ وقته قارئا للقرآن او مستمعا للتلاوة من بعض الطلبة, أو مشتغلا بالمطالعة والتدريس, أو منهمكا مع أوراده حيث كان ملتزما بأوراد عدة لطرق صوفية مختلفة.
 2- حبه الكبير لطلبته وحرصه الشديد على نجاحهم وتفوقهم فكان يتابع شؤونهم متابعة لصيقة لا يكل ولا يمل عن توجيههم وإرشادهم فكان لهم بمثابة الأب الشفوق. ولم تكن عنايته بطلبته مقصورة على فترة وجودهم معه وإنما امتدت لفترة ما بعد التخرج ومغادرة المدرسة فكان عليه رحمة الله يسأل دائما وباستمرار عنهم وعن ظروفهم وأحوالهم وفي أحيان عديدة يزورهم في بلادهم ومقار عملهم, وأنا العبد الضعيف كاتب هذه السطور قد تشرفت بزيارته لي أكثر من مرة حينما كنت إماما بولاية تلمسان.
 3- اهتمامه بقضايا المجتمع وإسهاماته المتميزة فيما يعود على الأمة والمجتمع بالخير والنفع, وبلدة تسفاوت إلى الآن لم تنس فضله, ولم تنكر إسهاماته في الصلح بين المتخاصمين ورأب الصدع وتوحيد الكلمة بل حتى إسهاماته في مجال التنمية مثل إعانتهم في حفر الآبار ورفع منسوب مياه السقي في الفقارة. فكان عليه رحمة الله يصدق عليه قول جده المصطفى عليه الصلاة والسلام: «المؤمن كالغيث حيثما حل نفع».
 4- كان عليه رحمة لا يكثر من مخالطة الناس ومجالستهم قليل الحديث إلا في ما يفيد، متمثلا بقول القائل: معرفة الناس أخي عقال فدعهموا تريحهم وتسترح والقيل لازم لها والقال فقل من خالطهم ثم ربح 5- علاقته بأرباب الأموال والسلطان محدودة جدا فلم يكن كثير التجوال في البلدان ولا كثير التطواف على الناس ولم يشاهَد رحمة الله عليه طيلة حياته واقفا عند باب أحدهم أو مادا يده له طالبا منه نوالا, كيف يطلب عطاء من مخلوق وهو الذي كان يعلم طلبته التعلق بالخالق؟ إذ كان رحمة الله عليه دائما يفتتح جلساته العلمية بهذه الأبيات:
إذا عرضت لي في زماني حاجة،،، وقد أشكلت فيها علي المقاصد
وقفت بباب الله وقفة ضارع ،،، وقلت إلهي إنني لك قاصد
ولست تراني واقفا عند باب من،،، يقول فتاه: سيدي اليوم راقد.
 آثاره ومؤلفاته:
 لم يكن شيخنا مهتما بتأليف الكتب لأنه في الحقيقة كان يعمل على صناعة الرجال وتخريج الأجيال ويا لها من مهمة عظيمة لذلك انصب جهده في تحقيقها ولم يدخر وقتا في بلوغها فأخذت كل وقته, ولكن مع هذا كله ترك للمسلمين كتابا نفيسا قيما شرح فيه نظم المرشد المعين بأسلوب سهل شيق عذب ضمنه من المعلومات والشواهد الكثير مما تناثر في أمهات الكتب وسماه: الفوز المبين بالمرشد المعين وكان بحق فوزا ومبينا؛ فوزا لمن قرأه وفهم مضمونه، ومبينا لمن التبس عليه الفهم وأراد أن يتعلم. - ولأن شيخنا رحمة الله عليه كان ممن أكرمه الله بموهبة الشعر كانت له قصائد عدة قصيدة في التوسل بأسماء الله الحسنى.
 أولاده :
رزقه الله تعالى بنين وبنات فكان له من الأبناء 4 وهم: سيدي مولاي عبد الرحمان وهو أكبر أبنائه حافظ لكتاب الله فقيه ورع موظف برتبة إمام في المدرسة. والابن الثاني هو سيدي محمد الذي أعطاه الله من الحياء وحسن الخلق الحظ الأوفر والنصيب الأكبر. أما ثالث أبنائه فهو سيدي مولاي أحمد الذي شاءت إرادة الله عز وجل أن لا يبقى طويلا بعد أبيه فكان أول أبنائه لحوقا به رحمة الله عليه وبارك في أعمار إخوانه. أما رابع الأبناء وأصغرهم فهو سيدي مولاي اسماعيل الذي وهبه الله لشيخنا في أواخر سنوات عمره حينما تزوج من زوجته الثانية وذلك بعد وفاة زوجته الأولى. أما بناته فهن ثلاثة اثنتان شقيقتان والثالثة من الزوجة الأخيرة.
إعداد: محمد الشيخ طلحاوي

تاريخ Aug 8, 2022