أكد وزير الطاقة والمناجم محمد عرقاب أن التراب الوطني يحتوي على ميادين جيولوجية وهيكلية مختلفة، ويوفر بيئة طبيعية تزخر بثروات هائلة وهو ما أثبتته الأشغال الجيولوجية التي أُنجزت في إطار برامج البحث المنجمي الممولة من طرف الدولة.
وأوضح عرقاب في كلمة له خلال التظاهرة العلمية المنظمة من طرف وكالة المصلحة الجيولوجية للجزائر ، تحت عنوان: "الموارد المعدنية في الجزائر: تقييم، آفاق التنمية واستشراف التنقيب المعدني"،
أن المشاريع المنجزة سمحت بتسليط الضوء على العديد من المكامن، والمواقع والمؤشرات المتعلقة بمختلف المعادن التي يتضمنها الجرد المعدني المُعد من طرف وكالة المصلحة الجيولوجية للجزائر، وتتجلى نتائج هذه المشاريع في: خرائط للموارد المعدنية في الجزائر، ومنشورات متعلقة بالأعمال والدراسات الخاصة بالمواد المعدنية الأساسية، بالإضافة إلى كتيبات للموارد المعدنية لمختلف الولايات وما إلى ذلك من الإصدارات الموضوعة تحت تصرف المستثمرين والمتعاملين المنجميين وممثلي المجتمع العلمي.
وقال الوزير عرقاب أن نتائج البحث المنجمي المحققة أدت إلى يومنا هذا إلى تزويد مختلف المزايدات التي أطلقتها الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية، مشيرا الى أنّ العديد من المكامن بما فيها الذّهب، الرّصاص، الزنك، الفولفرام-القصدير، الحديد، الفوسفات والباريت، الخ، لا تزال تنتظر تثمينها وتطويرها.
وتابع وزير الطاقة "منذ أقل من سنة، تم وضع ورقة عمل للتنمية الفعالة للمكامن التي مازالت حتى اليوم في حالة جمود، وقد بادرت وزارة الطاقة والمناجم بتنظيم عدة ورشات تهدف لإعادة إحياء قطاع المناجم من أجل الارتقاء بقيمته المضافة وإبراز دوره في تطوير الجزائر الجديدة"، وكل هذا - حسب الوزير - "نابع من الوعي بما يمكن أن يقدمه قطاع المناجم في إثراء العديد من الصناعات التحويلية بالمواد المعدنية، لذلك وجب العمل على رفع القيمة المضافة لهذا القطاع إلى مستوى أعلى بكثير مما هو عليه حاليا".
وقال الوزير "إن انخفاض قيمة الواردات يوفر للدولة مئات الملايين من الدولارات ويحقق عائدات وقيمة مضافة لمختلف الصناعات كالرخام وأحجار الزينة، الرمل الصناعي، كربونات الكالسيوم، الباريت، الفلسبار، الطين، البنتونيت، الفولفرام-القصدير، الذهب، وغيرها، مضيفا أن "تطوير الصناعة الوطنية لا يمكن أن يتحقق إلا بالاعتماد على المواد المحلية فهي المصدر الأساسي للتنمية والتي رغم توفرها بكمية وجودة عاليتين على المستوى الوطني إلا أنها لم تستغل... هذا هو المسار الذي سلكته وزارتنا من خلال إجراءات ملموسة على غرار الإستغلال الحرفي للذهب في ولايات الجنوب، إطلاق مشروع غار جبيلات لدعم صناعة الحديد والصلب، الالتزام بمشروع وادي أميزور، إضافة إلى مشروع الفوسفات المتكامل وغيرها من المشاريع".
وأشار عرقاب أيضا إلى أنه سيتم النظر في العديد من الإجراءات المرتبطة بتطوير مختلف المواد المعدنية الأخرى التي لا نزال نستوردها إلى اليوم.
تأتي هذه التظاهرة العلمية، في إطار إعادة تنشيط الاستكشاف والتطوير المنجمي، الذي يعتبر محورا أساسيا لاستراتيجيتنا على المدى القصير، المتوسط والطويل.
وقد استخدمت وكالة المصلحة الجيولوجية للجزائر، في إطار صلاحياتها القانونية ودورها كجهة موحِّدة لعلوم الأرض، كافة الوسائل لجمع كل الأطراف المعنية في مجال الجيولوجيا والمناجم:
- خبراء وأساتذة باحثين من جامعات هواري بومدين، بومرداس، عنابة، جيجل، تلمسان، تيزي وزو، البويرة و ورقلة،
- من الوكالة الوطنية للنشاطات المنجمية،
- من مجمع منال،
- من مجمع سوناطراك،
- من الوكالة الفضائية الجزائرية،
- ومن محافظة الطاقة الذرية و المتعاملين المنجمين و غيرهم،
و هذا بهدف تعزيز التعاون بين مختلف القطاعات وتسهيل دمج الموارد المنجمية في تطوير القطاع الإقتصادي.
إن توجه الاقتصاد العالمي نحو الطاقة الخضراء يؤكد حتمية ارتفاع الطلب على الموارد المعدنية، وبذلك فإن هذه الفترة تعد فترة الدورة العالمية الفائقة للمناجم التي ستشهد ارتفاعا في تكاليف المواد الخام المعدنية. اذ وفقًا لتوقعات البنك الدولي، فإنه بحلول عام 2050، ستكون هناك زيادة بنسبة 498٪ في الليثيوم، 494٪ في الجرافيت، 460٪ في الكوبالت، 189٪ في الإنديوم، 99٪ في النيكل، 56٪ في الفضة، 37٪ في النيوديوم، و18٪ في الرصاص، إلخ. وتدلي هذه التوقعات بضرورة توفير بدائل من الان فصاعدًا لمجابهة النقائص وإشراك القطاع المنجمي بصفة فعالة لمواكبة تطور الاقتصاد العالمي.
ويتم المضي قدما بإصلاحات قطاعية أساسية من أجل الانخراط في هذه الدورة الفائقة الجديدة كطرف فعال نظرًا للبيئات الجيولوجية والموارد الهائلة المتاحة في ترابنا الوطني، وهذا العمل لا يمكن أن يتقدم إلا من خلال تجميع وتوحيد كافة الوسائل والموارد والكفاءات، لذلك لابد من تشجيع استخدام تقنيات الاستكشاف الجديدة (كتقنيات الإكتشاف عن بعد، وغيرها من الأدوات التحليلية)، وإيلاء الأولوية للنهج العلمي من أجل إنجاح تطوير هذا القطاع الاستراتيجي للاقتصاد الوطني.
وتُظهر المواضيع المختلفة والمدرجة ضمن أهداف هذا الحدث الهام، أهمية الموارد المنجمية والإمكانات التي يمكن التطلع اليها، حيث يعد تكثيف وتيرة الاستكشاف شرطا أساسيا من أجل تحقيق نتائج تتوافق مع المعايير الحالية، في جانب الإنجازات الميدانية والتحليلات المخبرية، وإلا فإن جميع الجهود ستظل عقيمة.