ماذا يمكن ان تقدم إسرائيل للمملكة العربية السعودية مقابل التطبيع؟ و هل ما ستقدمه إسرائيل للمملكة في حال التطبيع سيضمن أرضا لفلسطين في إطار حل الدولتين؟ و ماذا يمكن ان تقدمه إسرائيل للمملكة العربية السعودية اكثر مما قدمته للدول العربية التي وقعت معاهدة ابراهام؟ و هل المملكة تحت قيادة الامير محمد بن سلمان ولي العهد بحاجة الى التطبيع؟ و هل التوقيع على اتفاقية كامب ديفيد في 1982 بين مصر و إسرائيل، و معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية في 1979 و معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية في 1994، هل كل هذه الاتفاقيات قدمت شيئا ملموسا للقضية الفلسطينية؟ العبرة بالنتيجة كما يقول المثل الشعبي و فلسطين اليوم في حرب مفتوحة مع الاحتلال الصهيوني و عدد الشهداء في تصاعد مستمر و اغتصاب الارض لم يتوقف يوما، لماذا اذن تطبيع المملكة العربية السعودية مع إسرائيل؟
قبل الرد لا بد من الاشارة ان تطبيع المملكة العربية السعودية مع إسرائيل ان حدث فهو مسألة داخلية سعودية لا دخل لنا فيها لا من قريب و لا من بعيد لان القضية هنا و خلافا للتطبيع بين إسرائيل و المغرب، لا تشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي الجزائري. المملكة العربية السعودية بعيدة جغرافيا كل البعد عن الجزائر بخلاف المغرب التي تملك حدودا معنا، و لهذا التطبيع في الحالة السعودية لا يشبه التطبيع في الحالة المغربية من منظور استراتيجي عسكري جزائري. و هذا ينطبق على تطبيع بعض الدول العربية مثل الامارات العربية و مصر و البحرين و السودان فهذه دول لا نتدخل في شأنها الداخلي و قراراتها الخارجية و لهذا لم تقطع الجزائر علاقاتها معها بل العلاقات مستمرة و في بعض الاحيان جيدة. مربط الفرس بالنسبة للجزائر اذن هو الامن القومي و لا شيء غير الامن القومي.
فقرار تطبيع المملكة العربية السعودية مع إسرائيل من عدمه قضية تخص المملكة و لا تخص غيرها، و لكن وجب التنبيه من باب المحبة الى بعض النقاط و على رأسها ان رصيد الامير الشاب الشجاع محمد بن سلمان الشعبي بسبب مواقفه الوطنية المشرفة قوي و قوي جدا و قد تخيب امال الشعوب في حال توقيع معاهدة تطبيع بين المملكة العربية السعودية و إسرائيل، الكلام هنا يتعلق بصورة المملكة العربية السعودية في عيون الشعوب العربية والاسلامية و سمعة الامير محمد بن سلمان في وجدان المواطن العربي المسلم من المحيط الى الخليج. نقطة ثانية تتعلق بوزن المملكة العربية السعودية فهي بلد كبير و غني بشعبه و ثرواته الطبيعية و بمكانته الدينية و ليست بحاجة بتاتا الى التطبيع لا من الناحية الاقتصادية و المالية و لا من الناحية السياسية او الاستراتيجية، لا مجال للمقارنة بين المملكة العربية السعودية و شبه دويلة مبنية على التمييز العنصري و اغتصاب الارض و اغتيال الشعب الفلسطيني. و اخيرا يمكن القول ان دور المملكة العربية السعودية في منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك و علاقاتها الطيبة مع الصين و روسيا و الولايات المتحدة الاميركية يجعل منها دولة محورية هي في الواقع اكبر بكثير من ان تذهب الى التطبيع الذي في غالب الاحوال لن يستفيد منه الشعب الفلسطيني خاصة مع اليمين المتطرف اليهودي الذي يكرر صبح مساء انه ضد اعطاء اي حق من حقوق الشعب الفلسطيني.
عدم التطبيع مع عدو الأمة و الوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني موقف رفع و يرفع رأس ملوك و امراء و المواطنين في المملكة العربية السعودية التي كانت و لا تزال سندا لكل المظلومين في هذا العالم و على رأسهم المواطن الفلسطيني. و شتان بين النصيحة من الجزائر بلد الشهداء و النصيحة من اي بلد اخر.
احمد العلوي