من حق النقابي الدكتور إلياس مرابط ان يدافع عن حق الطبيب الجزائري في الهجرة الى فرنسا و الاستقرار فيها لتستفيد المنظومة الصحية الفرنسية من خدماته بحجة ان الطبيب حر في ان يعمل في اي دولة يريد و انه لا يجوز ان يقيد هذا "الحق"، و من حق الصحافة المكتوبة بالفرنسية في الجزائر (بعض عناوين المواقع الالكترونية تحديدا) ان تدافع سنويا و بشراسة عن حق الاطباء الجزائريين في العمل في فرنسا و من حقها ايضا ان تلوم الحكومة بسبب تقييد هذا الحق و الرفض او التماطل في منح الوثائق اللازمة لهجرة الاطباء و الصيادلة و اطباء الاسنان، حق الدفاع عن هجرة الاطباء لا غبار عليه و لسنا بصدد مناقشته فمن حق الطبيب ان ينتقل الى فرنسا او غير فرنسا لمزاولة عمله بسبب ما يجده هناك و لا يجده هنا تحت حجة الخارج خير من الداخل (هذه عقيدة عند بعض النخبة عندنا) و من باب ايضا "خبز الدار ياكلو البراني". و اذا سلمنا بحقهم في الدفاع عن هجرة الادمغة، الا يحق لنا ان نطرح بعض الاسئلة الضرورية حتى تستقيم المعادلة. كمن يدافع مثلا عن حق المريض الجزائري في العلاج؟ و من يرافع من اجل ان يستفيد المريض الجزائري من خدمات الطبيب الجزائري؟ و هل يعقل ان يستفيد النظام الصحي الفرنسي من خدمات الطبيب الجزائري الذي درس و تكون و مارس في الجزائر، اي بمعنى اخر لم تصرف على تكوينه فرنسا دينارا واحدا و بعد عشرات السنين من التكوين في الجزائر يغادر هذا الطبيب الجزائري الى فرنسا و رغم هذا لا النقابي إلياس مرابط و لا كتاب المواقع الالكترونية الناطقة بالفرنسية في الجزائر تتحرك لهم شعرة او يجدون حرجا في حرمان المريض الجزائري من خدمات ابن بلده الطبيب بل كل ما يهمهم هو استمرار النزيف و ليذهب المريض الجزائري الى الجحيم! يمكن إضافة نقطة اخرى تتعلق باستمرار فرنسا في "سرقة" الادمغة عموما و الاطباء الجزائريين خصوصا دون وجه حق لاكثر من عشرين سنة، هل من توصيف قانوني لهذا النوع من السرقة؟ الا يحق للدولة الجزائرية ان تطالب بالتعويض عن الضرر؟
هجرة الطبيب الجزائري الى فرنسا لا يمكن ان يعتبر حقا لأن فيه ضرر كبير للمجموعة الوطنية، و التركيز على الحق و غض الطرف على الواجب هو منطق غير سليم و مقاربة لا تستقيم. اما قضية ان هناك مشاكل كبيرة بخصوص راتب و ظروف عمل الطبيب، فهذه مسلمة لا ينكرها احد في الجزائر و يقع على عاتق الحكومة ان تتدخل بسرعة من اجل وقف النزيف.
جيلالي عبد القادر