ياسمين بلقايد: عالمة جزائرية إنسانية وجريئة، نورها يضيء من الجذور إلى آفاق العالم
باريس، 17 يونيو 2025 – وفي لحظة تعكس جوهر هذه الرؤية الملهمة، فتحت أكاديمية العلوم أبوابها لاستقبال قامة علمية فذة تضيء سماء البحث: إنها ياسمين بلقايد. هذه العالمة الجزائرية-الفرنسية اللامعة في علم المناعة، ومديرة عامة لمعهد باستور منذ يناير 2024، يمثل انتخابها الرسمي يوم الثلاثاء 3 يونيو 2025 تحت قبة معهد فرنسا، محطة فارقة في مسيرتها الاستثنائية.
من بين ثمانية عشر عالمًا لامعًا انضموا إلى هذه الهيئة العريقة (التي تضم قرابة 300 عضو منهم 15 حائزًا على نوبل)، سطع اسم ياسمين بلقايد كنجمة مضيئة. فهي، الحائزة على جائزة "عباقرة العرب" في الطب – التي غالبًا ما تُلقب بـ"نوبل العالم العربي" – يعد انضمامها تقديرًا مستحقًا لتفانيها وإلهامها في البحث العلمي.
رائدة في علم المناعة المخاطية ومسيرة شكلها التاريخ
أشادت أكاديمية العلوم عبر منصتها LinkedIn، مشيدة بشغف ياسمين بلقايد والتزامها الراسخ بالبحث العلمي في مجال علم المناعة المخاطية الحيوي. وتؤكد: "لأكثر من عشرين عامًا، كانت سباقة في فهم آليات تنظيم الجهاز المناعي على مستوى الحواجز الطبيعية"، خلال أبحاثها التي أثمرت اكتشافات جوهرية.
أعمال ياسمين بلقايد الثورية حظيت باهتمام خاص. هذه العالمة، التي ولدت في الجزائر العاصمة عام 1968 وجذورها في تلمسان، بدأت مسيرتها العلمية في جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين (USTHB) بالجزائر العاصمة. صرحت: "ولدت في الجزائر، درست في الجزائر... وأردت البقاء في الجزائر." وعبرت عن تعلقها قائلةً: "عندما أفكر في الجزائر، أفكر في الحركة والقوة والجمال." وتؤكد على هذا الترابط العميق:
"هويتي الجزائرية هي الأساس الذي بُنيت عليه كل مسيرتي، إنها بوصلتي في عالم يتغير باستمرار، وتمنحني القوة لأواجه التحديات بقلبٍ صافٍ."
لكن "العشرية السوداء" أجبرتها على مواصلة رحلتها في الخارج. فقادتها مسيرتها من جامعة باب الزوار إلى قمم المعاهد الوطنية للصحة بالولايات المتحدة، شاهدةً على سعيها المتواصل للمعرفة. وقد حددت عالمة المناعة الوسطاء المناعيين المسؤولين عن استمرار مسببات الأمراض، وأثبتت الدور الحاسم للخلايا الليمفاوية التائية التنظيمية في هذه العملية. كما أثبتت أبحاثها أن الأمعاء هي الموقع الرئيسي لتحفيز هذه الخلايا الليمفاوية، وهو إنجاز يفتح آفاقًا جديدة لفهم وعلاج الأمراض المعدية.
انتصار ملهم، ممزوج بالعاطفة والإرث
قوبل إعلان تعيينها بفيض من التهاني، بعد ساعات قليلة من ارتدائها الزي الأكاديمي المميز – سترة مزينة بأغصان الزيتون المطرزة.
مسيرتها العلمية المتوجة بالتميز، تتجاوز كونها مجرد سجل إنجازات، إنها قصة إنسانية عميقة من الصمود الذي ولد من رحم المعاناة، والوفاء الذي يخلد ذكرى التضحيات الجسام. انتخابها في أكاديمية العلوم ليس مجرد تقدير، بل هو مكافأة قد تداوي، ولو جزئيًا، جروح الفقد الأبدي لوالدها، ذاك الرحيل الأليم والمفاجئ. فـياسمين بلقايد هي بحق الابنة الجديرة بوالدها العظيم، أبو بكر بلقايد، الشخصية الوطنية البارزة والوزير الجزائري الأسبق، الذي اغتيل عام 1995، وتكرمه جامعة تلمسان اليوم بتحمل اسمه.
وفي حوارها العميق، أوضحت بلقايد:
"بالنسبة لي، العلم ليس مجرد معادلات وأبحاث، بل هو رحلة لاستكشاف عظمة الخالق في أدق تفاصيل الكون، والإيمان يمنح هذه الرحلة معناها الإنساني الحقيقي."
من الجزائر، وطنها، إلى أرقى المختبرات في العالم، تجسد هذه العالمة الرائدة الموهبة والمثابرة. كأم وملهمة، تقف اليوم منارة للشباب، وخاصة أولئك الذين ينحدرون من الجنوب العالمي، مقدمةً دليلًا ساطعًا على أن الشغف والدقة قادران على تحريك الجبال.
تهانينا للأستاذة بلقايد على هذا الانتصار المبهر! ونتمنى لها المزيد من النجاحات والانتصارات في قادم الأيام.