يشارك فيلم " آخر الملكات" في الدورة 76 لمهرجان فنيسيا الذي ينطلق هذا الأربعاء 31 أوت ومن المتوقع أن يستمر إلى غاية 10 سبتمبر المقبل.
الفيلم من إخراج الفرانكو جزائري داميان أنوري وعديلة بن دير مراد، ويجمع عدد من الممثلين إيمان نوال، نبيل عسلي، دالي بن صالح وطارق بوغرارة.
ويتطرق الفيلم لحياة الأميرة زفيرة ووصول خير الدين بابا عروج إلى الجزائر في عام 1529 لمساعدة الجزائر العاصمة في مواجهة الغزاة الإسبان.
ويحكي هذا العمل قصة الأميرة الجميلة "زفيرة" زوجة الأمير سليم التومي حاكم الجزائر أنذاك، حيث يروي الفيلم كيف قام عروج بقتل زوجها سليم التومي من أجل الزواج منها، غير أنها رفضت الإرتباط به، وفضلت الانتحار بدلا من ذلك.
اثارت قصة الفليم الكثير من اللغط والجدل خاصة في ظل غياب الأرشيف الدقيق الذي يعيد قراءة المرحلة العثمانية في الجزائر .
واعتبر بعض المتابعين أن ما يطرحه هذا الفليم الذي يشارك في مهرجان دولي باسم الجزائر تزييفا للتاريخ وتجنى على الحقيقة حيث كتب الدكتور أ. د. محمد دراج من جامعة الجزائر والمختص في تاريخ الحقبة العثمانية في الجزائر أن ما يطرحه هذا العمل لا يعدو أن يكون خرافة أو أسطورة لا ضرر في انتاجها في إطار المخيال السينمائي بشرط أن لا يتم تقديمها على أنها تاريخ حقيقي للجزائر، واذا تم ذلك فعلا، فإن الأمر يستدعي الرد من المختصين.
ونشر الدكتور محمد دراج مقالا بعنوان" أباطيل يجب أن تمحى من تاريخنا قائلا "حكاية انتحار الملكة زفيرة زوجة سليم التومي ليلة إجبارها على الزواج من عروج بعد أن لفق هذا الأخير لزوجها تهمة التواطئء مع الإسبان ومن ثم قام بقتله، تعتبر واحدة من خرافات التاريخ التي يتم تلويث عقول العامة بها، والمؤسف أننا نجد أناسا من قومنا ممن يحسبون على الثقافة والفن والأدب يروّجون لها على أنها حقيقة لا تشوبها شائبة"... "ولكننا عندما نضع هذه الخرافة في ميزان النقد والتمحيص، نجدها لا ترقى لأن توصف بأنها رواية تاريخية، فهي لا تعدو أن تكون حكاية مختلقة تروى في ليالي السمر".
ويستدلّ الدكتور على كلامه بمجموعة من الملاحظات أهمها ان "سبب مقتل سالم التومي ليس كما تروي الحكاية المزعومة، بل بسبب ثبوت تواطئه الفعلي مع الإسبان القابعين في قلعة البنيون.د، وذلك بوقوع بعض رسائله التي كان يتبادلها مع قائد قلعة البنيون الإسباني، وتم عرض قضيته على علماء مدينة الجزائر الذبن أفتوا كلهم باستحقاقه للقتل وأن دمه مهدور، وفعلا نفذ فيه الإعدام بأمر من عروج بناء على فتوى علماء الجزائر وليس بناء على رغبة عروج في التخلص منه كما يقول المفترون" ويضيف المتحدث أن "يحيى بن سالم التومي الذي لجأ إلى الحاكم الإسباني في وهران المدعو دولكوديت، اعترف بخيانة والده وقال له يحيى بن سالم التومي بالحرف الواحد : ( إن والدي انذبح من أجلكم). حسبما ورد في إحدى التقارير المحفوظة في أرشيف سيمانكاس بإسبانيا"
ويؤكد صاحب المقال أن "حكاية زفيرة هذه على أهميتها، لم يرد ذكرها لا تلميحا ولا تصريحا في أي مصدر عربي أو عثماني أو أيّة وثيقة أرشيفية أو مراسلة رسمية يمكن الإعتماد عليها ولو على سبيل الإستئناس بوقوعها، بصرف النظر عن تفاصيل الرواية المتعلقة بها، والمصادر التي تحدثت بإسهاب عن مرحلة عروج مثل مذكرات بربروس أو كتاب الغزوات بكافة نسخه المحفوظة في مكتبات الجزائر وتونس وباريس، وكذا تحفة الكبار لكاتب چلبي وغيرها لم تشر لا من قريب ولا من بعيد إلى الحادثة، مما يعطي انطباعا على اختلاقها وكذبها...ويزداد سوء الظن بها ورودها فقط في كتاب أو كتابين فرنسيين هما دوتاسي وآخر نسيته، وهما لم يكونا معاصرين للأحداث ولا شاهدين عليها ولا ناقلين لها عن مصدر موثوق يمكن أن نعود اليه للتأكد من صحة النقل عنه، بل حتى المراجع الحديثة المعاصرة التي دونت من طرف مؤرخين أو باحثين جزائريين مشهود لهم لم يذكروا هذه الحادثة لا من بعيد أو قريب، وأذكّر هنا على سبيل المثال الأساتذة: سعد الله وسعيدوني وبلحميسي وبن خروف ومروش وسعيود وحماش وبن خروف و هلايلي. وقبل هؤلاء الجيلالي والميلي والمدني، وقبل هؤلاء مؤرخو كتب الرحلات والمذكرات والأسرى من الأوربيين... بإستثناء هذا دوتاسي الذي ضربت لروايته الطبل والزرنة" هذا إضافة حسب صاحب المقال إلى كون جميع خصوم عروج المعاصرين له قاتلوه وقاتلوا أخاه كما قاتلوا من جاء بعدهما أيضا، لكن لا أحد منهم اتهمه أو عيره بأنه قتل سالم التومي بسبب زفيرة هذه"..."فلو كانت الحادثة حقيقية لاستعملوها ضده ولشنعوا عليه بها ولألبوا عليه الناس بسببها"... "ولكانت أكبر ذريعة للخروج عليه، لكن لا أحد ذكر ذلك، إنما كانوا يقاتلونه قتال رجال فقدوا امتيازات ومصالح ضيقة، وأحسوا بأنهم سوف يتلاشون من الوجود في حال تمكن عروج من تأسيس دولة مركزية قوية"، وهو ما حدث بالفعل لاحقا.
من جهة أخرى أضاف الأستاذ محمد دراج أن قصة زواج سيّدة يقال أنها أميرة كان يفترض أن يكون لها ولي أو شاهد وقاضي يعقد القران، وهذا أكبر دليل على أن القصة مختلقة".
وأكد المتحدث أن القصة مختلقة، ولم تتحدث عنها لا "المصادر العربية والعثمانية المعتمدة في كتابة تاريخنا، ثم يأتي دوتاسي هذا وغيره من الحكواتيين ليصنعوا للسذج من العامة تلك الصورة الخيالية التي تنتهي بهمجية عروج الذي حاول اغتصاب زفيرة في ليلة زفافها، وانتحارها على طريقة المسلسلات الهندية".
ويذهب صاحب المقال إلى أبعد من ذلك ويؤكد أنه بحث عن قصة زفيرة في مصادر التاريخ المعتمدة التي تحدثت عن الفترة، وأشارت إلى مقتل سالم التومي، فلم يجد لذكرها أثر، ولم يجد أحدا أشار إليها أو إلى وجودها كشخصية حقيقية، بإستثناء ما أشار إليه دوتاسي أو من نقل عنه أو من نقل عمن نقل عنه حادثة الإنتحار المزعومة، وحتى هو أو غيره عجز عن ذكر أية تفاصيل أخرى عنها أو عن غيرها من زوجات أعيان الجزائر وزعمائهم المحليين، فأين هي زفيرة هذه يا ترى... أكانت نكرة طول حياتها وحياة زوجها لتظهر فجأة في ليلة الزفاف المزعوم"
م. عدوية"بابا عروج" و"الأميرة زفيرة".. خرافات تزيّف تاريخ الجزائر تعرضها أفلام في المحافل الدولية
يشارك فيلم " آخر الملكات" في الدورة 76 لمهرجان فنيسيا الذي ينطلق هذا الأربعاء 31 أوت ومن المتوقع أن يستمر إلى غاية 10 سبتمبر المقبل.
الفيلم من إخراج الفرانكو جزائري داميان أنوري وعديلة بن دير مراد، ويجمع عدد من الممثلين إيمان نوال، نبيل عسلي، دالي بن صالح وطارق بوغرارة.
ويتطرق الفيلم لحياة الأميرة زفيرة ووصول خير الدين بابا عروج إلى الجزائر في عام 1529 لمساعدة الجزائر العاصمة في مواجهة الغزاة الإسبان.
ويحكي هذا العمل قصة الأميرة الجميلة "زفيرة" زوجة الأمير سليم التومي حاكم الجزائر أنذاك، حيث يروي الفيلم كيف قام عروج بقتل زوجها سليم التومي من أجل الزواج منها، غير أنها رفضت الإرتباط به، وفضلت الانتحار بدلا من ذلك.
اثارت قصة الفليم الكثير من اللغط والجدل خاصة في ظل غياب الأرشيف الدقيق الذي يعيد قراءة المرحلة العثمانية في الجزائر .
واعتبر بعض المتابعين أن ما يطرحه هذا الفليم الذي يشارك في مهرجان دولي باسم الجزائر تزييفا للتاريخ وتجنى على الحقيقة حيث كتب الدكتور أ. د. محمد دراج من جامعة الجزائر والمختص في تاريخ الحقبة العثمانية في الجزائر أن ما يطرحه هذا العمل لا يعدو أن يكون خرافة أو أسطورة لا ضرر في انتاجها في إطار المخيال السينمائي بشرط أن لا يتم تقديمها على أنها تاريخ حقيقي للجزائر، واذا تم ذلك فعلا، فإن الأمر يستدعي الرد من المختصين.
ونشر الدكتور محمد دراج مقالا بعنوان" أباطيل يجب أن تمحى من تاريخنا قائلا "حكاية انتحار الملكة زفيرة زوجة سليم التومي ليلة إجبارها على الزواج من عروج بعد أن لفق هذا الأخير لزوجها تهمة التواطئء مع الإسبان ومن ثم قام بقتله، تعتبر واحدة من خرافات التاريخ التي يتم تلويث عقول العامة بها، والمؤسف أننا نجد أناسا من قومنا ممن يحسبون على الثقافة والفن والأدب يروّجون لها على أنها حقيقة لا تشوبها شائبة"... "ولكننا عندما نضع هذه الخرافة في ميزان النقد والتمحيص، نجدها لا ترقى لأن توصف بأنها رواية تاريخية، فهي لا تعدو أن تكون حكاية مختلقة تروى في ليالي السمر".
ويستدلّ الدكتور على كلامه بمجموعة من الملاحظات أهمها ان "سبب مقتل سالم التومي ليس كما تروي الحكاية المزعومة، بل بسبب ثبوت تواطئه الفعلي مع الإسبان القابعين في قلعة البنيون، وذلك بوقوع بعض رسائله التي كان يتبادلها مع قائد قلعة البنيون الإسباني، وتم عرض قضيته على علماء مدينة الجزائر الذبن أفتوا كلهم باستحقاقه للقتل وأن دمه مهدور، وفعلا نفذ فيه الإعدام بأمر من عروج بناء على فتوى علماء الجزائر وليس بناء على رغبة عروج في التخلص منه كما يقول المفترون" ويضيف المتحدث أن "يحيى بن سالم التومي الذي لجأ إلى الحاكم الإسباني في وهران المدعو دولكوديت، اعترف بخيانة والده وقال له يحيى بن سالم التومي بالحرف الواحد : ( إن والدي انذبح من أجلكم). حسبما ورد في إحدى التقارير المحفوظة في أرشيف سيمانكاس بإسبانيا"
ويؤكد صاحب المقال أن "حكاية زفيرة هذه على أهميتها، لم يرد ذكرها لا تلميحا ولا تصريحا في أي مصدر عربي أو عثماني أو أيّة وثيقة أرشيفية أو مراسلة رسمية يمكن الإعتماد عليها ولو على سبيل الإستئناس بوقوعها، بصرف النظر عن تفاصيل الرواية المتعلقة بها، والمصادر التي تحدثت بإسهاب عن مرحلة عروج مثل مذكرات بربروس أو كتاب الغزوات بكافة نسخه المحفوظة في مكتبات الجزائر وتونس وباريس، وكذا تحفة الكبار لكاتب چلبي وغيرها لم تشر لا من قريب ولا من بعيد إلى الحادثة، مما يعطي انطباعا على اختلاقها وكذبها...ويزداد سوء الظن بها ورودها فقط في كتاب أو كتابين فرنسيين هما دوتاسي وآخر نسيته، وهما لم يكونا معاصرين للأحداث ولا شاهدين عليها ولا ناقلين لها عن مصدر موثوق يمكن أن نعود اليه للتأكد من صحة النقل عنه، بل حتى المراجع الحديثة المعاصرة التي دونت من طرف مؤرخين أو باحثين جزائريين مشهود لهم لم يذكروا هذه الحادثة لا من بعيد أو قريب، وأذكر هنا على سبيل المثال الأساتذة: سعد الله وسعيدوني وبلحميسي وبن خروف ومروش وسعيود وحماش وبن خروف و هلايلي. وقبل هؤلاء الجيلالي والميلي والمدني، وقبل هؤلاء مؤرخو كتب الرحلات والمذكرات والأسرى من الأوربيين... بإستثناء هذا دوتاسي الذي ضربت لروايته الطبل والزرنة" هذا إضافة حسب صاحب المقال إلى كون جميع خصوم عروج المعاصرين له قاتلوه وقاتلوا أخاه كما قاتلوا من جاء بعدهما أيضا، لكن لا أحد منهم اتهمه أو عيره بأنه قتل سالم التومي بسبب زفيرة هذه"..."فلو كانت الحادثة حقيقية لاستعملوها ضده ولشنعوا عليه بها ولألبوا عليه الناس بسببها"... "ولكانت أكبر ذريعة للخروج عليه، لكن لا أحد ذكر ذلك، إنما كانوا يقاتلونه قتال رجال فقدوا امتيازات ومصالح ضيقة، وأحسوا بأنهم سوف يتلاشون من الوجود في حال تمكن عروج من تأسيس دولة مركزية قوية"، وهو ما حدث بالفعل لاحقا.
من جهة أخرى أضاف الأستاذ محمد دراج أن قصة زواج سيّدة يقال أنها أميرة كان يفترض أن يكون لها ولي أو شاهد وقاضي يعقد القران، وهذا أكبر دليل على أن القصة مختلقة".
وأكد المتحدث أن القصة مختلقة، ولم تتحدث عنها لا "المصادر العربية والعثمانية المعتمدة في كتابة تاريخنا، ثم يأتي دوتاسي هذا وغيره من الحكواتيين ليصنعوا للسذج من العامة تلك الصورة الخيالية التي تنتهي بهمجية عروج الذي حاول اغتصاب زفيرة في ليلة زفافها، وانتحارها على طريقة المسلسلات الهندية".
ويذهب صاحب المقال إلى أبعد من ذلك ويؤكد أنه بحث عن قصة زفيرة في مصادر التاريخ المعتمدة التي تحدثت عن الفترة، وأشارت إلى مقتل سالم التومي، فلم يجد لذكرها أثر، ولم يجد أحدا أشار إليها أو إلى وجودها كشخصية حقيقية، بإستثناء ما أشار إليه دوتاسي أو من نقل عنه أو من نقل عمن نقل عنه حادثة الإنتحار المزعومة، وحتى هو أو غيره عجز عن ذكر أية تفاصيل أخرى عنها أو عن غيرها من زوجات أعيان الجزائر وزعمائهم المحليين، فأين هي زفيرة هذه يا ترى... أكانت نكرة طول حياتها وحياة زوجها لتظهر فجأة في ليلة الزفاف المزعوم"
م. عدوية

