الحراك الإخباري - إطلالة بانوراميه على فكر مالك بن نبي جديد دار الفكر: قطوفها دانية .. مالكيّات
إعلان
إعلان

إطلالة بانوراميه على فكر مالك بن نبي جديد دار الفكر: قطوفها دانية .. مالكيّات

منذ سنتين|قراءة في كتاب

صدر حديثا عن دار الفكر بدمشق كتاب "قطوفها دانية .. مالكيات"، (الجزء الرابع )، للباحث رامي شمسي باشا، وهو من أبرز المتخصصين في فكر مالك بن نبي، رحمه الله.

 ويعد العمل الجديد بمثابة إطلالة بانوراميه على فكر المفكر الإسلامي مالك بن نبي ومنهجه الخاص في معالجة مشكلات العصر، ومواجهة الغزو الفكري، لا يغوص في كتب بن نبي ولكنه يتوقف عند أهم ما جاء فيها واستوقف الكاتب خلال تبحره فيها، حيث يشاطره اختياراته وما لفته أكثر فأكثر في كتب مالك بن نبي وفكره، كما أنّ الكتاب ليس ملخصا لكتب بن نبي ولكنه باقة حلوة تجمع أهم ثمارات ما كتبه هذا المفكر الكبير.

إنّ هذا الكتاب تطواف بين الكتب؛ إذ كان المؤلف حينما يقرأ فقرات منها، يعجبــــــــــه فيها بعض ما تناولته من قضايــــــــــــا مهمة، أو أجوبة لتساؤلات ضاجَّة، حتى تجمع لديه كثير من المقاطع والأفكار والتعليقات، التي أحب أن يحتفظ بها؛ إذ تقدم له باقة متنوعة طريفة من بساتين عديدة، فأحب لذلك أن يشارك فيها الآخرين، يقدمها لهم؛ ليلفت نظرهم إليها لعلها تفيدهم.

 ثم إنه لم يرتب هذه المختارات بأي ترتيب أبجدي أو ألفبائي أو موضوعي، وإنما تركها تنساق كما اختارها لئلا تبعث في نفس القارئ الملل كما ظنّ.

والكتاب بعدُ؛ ليس مختصرات ولا مقتطفات وحسب، ولا يعبر عن فكرة معينة، وإنما هو مزيج من كل أولئك، ومن هنا اختار له عنوان (قطوفها دانية)؛ تعبيراً عن الثمار التي أحبّ اقتطافها ليستمتع معه قراؤها.

وقال المؤلف رامي شمسي باشا في مقدمة كتابه إنّ المقتطفات المختارة في الأجزاء السابقة من كتب متنوعة، كانت متباعدة في المشارب ولا تجمعها إلا عموم التوجه، ومن مؤلفين مختلفين في المنهج والتباعد الزمني لمؤلفاتهم، ولكن تُوحدها الأهمية سواء في المعلومة أو الأسلوب أو التأثير أو شهرة من كتبها، فجُلها من أمّهات الكتب وقد أصبحت متون لما بعدها من المؤلفات.

أما هذا الجزء "مالكيات" فهو الأول الذي قرر به أن يجمع كتباً لمؤلف واحد وهو مالك بن نبي (رحمه الله)، والتي تجمعها فكر واتجاه واحد.

عندما تقوم بقراءة كافة كتب المؤلف ذاته، تكون قد أضلعت على فكره وألفت أسلوبه وعشت معه وفهمت مقاصده وشعرت بمخاوفه وحلمت بأحلامه.

والأهم بأنك تكتشف حقيقة ما يقال عنه وعن فكره ، فإن معظم ما يقال عن هذا المؤلف أو ما ينقل عنه غير صحيح في عصر قد كثر فيه محاربة الفكر وأصحابه وتشويه الأفكار لمنع تطبيقها، فأخطر ما يتعرض له فكر مؤلف عظيم مثل مالك بن نبي هو اجتزاء أفكاره وعزلها عن وسطها ومن ثم شرحها بمفردها أو زجها كأمثلة واستشهادات بأماكن مغايرة لمقصدها، فعندها تكون مشوهة بعيدة عن مقصدها فتشوه صاحبها، فأصبح مالك بن نبي شخصية جدلية وفكره بعيد عن حقيقته والتي هي (الفكر الإسلامي) فأصبح بنظر الكثير ممن لا يعرفه؛ مفكر لا إسلامي عاش في الغرب يكتب في الحضارة بمفهومها الغربي وبلغة الغرب ، والعكس تماما هو الصحيح ، فحياته في الغرب وكتابته بلغتهم جعل منه الشخصية الأكثر فهما لمكامن الخطر بفكرهم وحضارتهم وجعل منه الأكثر خطراً بالنسبة لمخططاتهم في الحرب التي يشنوها يوميا علينا ، فحاربوه وضيقّوا عليه وشوهوا فكره بعدة طرق، ومن أهم أسلحتهم الكتاب الحداثيين العرب خاصة، كي لا يصلنا هذا الفكر الراقي العميق المؤثر...

وقد أدهشت المؤلف في هذه الشخصية الأصالة والعلم والعمق والجرأة وبعد النظر فكتاباته تلمس حاضرنا بكل تفاصيله، وأصبح يرى مالك بن نبي مفكراً إسلاميا يعشق السلف الصالح ويتطلع إلى دولة إسلامية مبنية على ما قامت عليه أول دولة بالإسلام على يد رسولها الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام.

وككل الأجزاء اجتهد صاحبها في أن تكون القطفات مستقلة بذاتها، أي يستطيع القارئ البدء من أي قطفة ضمن أي جزء دون أن تتأثر الأفكار، ولكن طبعا ينصح بالقراءة وفق ترتيب الكتاب نظرا لترتيب الكتب ضمنه وفق التسلسل الزمني لتأليف الكاتب لها.

أما دافع المؤلف في جمع تلك الورود فهي أن الإنسان عندما يقرأ بعض الأفكار أو القيم أو الحكم يشعر بأنه تأثر، وأن هذه الفكرة قد أخذت مكانا في قلبه لا يتخيل أنها تزول، فيفاجأ أن الوقت كفيل ليس فقط بإزالتها؛ بل في نسيان أنه قرأتها تماما.

ومن هنا قرر الأستاذ رامي شمسي باشا أن يجد طريقة لاسترجاع ما أحبب مما قرأ أو أثّر به بشكل من الأشكال، حتى يتمكن من قراءتها مرة أخرى لترسخ أكثر وأكثر، وتترك أثرا لا يمحوه الوقت، أو ليستطيع أن يمتلك بعض النصوص التي يستطيع أن يحاجج بها بما أعقد به في بعض القضايا.

وحينما تجمّع لديه الكثير من المقاطع والأفكار والتعليقات أصبح من الصعب تحصيل ما أراده لكثرته ونسيان مكان تموضعه وصعوبة الوصول إلى المصدر المطلوب، فقرر جمعها بملفات مطبوعة لسهولة تحصيلها، ثم قرر أن يجمعها بكتب ويقوم بنشرها لمن يحب أن يختصر الوقت بقراءة مقتطفات من هذه الكتب.

تاريخ Apr 16, 2021