الحراك الإخباري - السنغال العربية
إعلان
إعلان

السنغال العربية

منذ اسبوعين|الأخبار


ليس "صادما فقط"، بالنسبة لباريس، إنه "موجع أيضا"، القرار الذي اتخذته الحكومة السنغالية أمس الأحد بالتخلي نهائيا عن اللغة الفرنسية كلغة رسمية للبلاد واستبدالها باللغة العربية كلغة رسمية للجهورية السنغالية.

في الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام الدولية والإفريقية اليوم الاثنين قررت الحكومة السنغالية بعد اجتماع مجلس الوزراء أمس الأحد 28 أبريل 2024 – لأول مرة منذ استقلال البلاد عن فرنسا في 1960- الاعتماد على اللغة العربية في المعاملات الرسمية بدل من اللغة الفرنسية التي ظلت ملازمة للإدارة السنغالية منذ ستة عقود.

ويأتي القرار الذي كان "مفاجأ" لكل المتابعين للشأن العام في بلاد التيرانجا ليؤكد عمق التحولات السياسية التي يشهدها السنغال مباشرة بعد فوز المعارض الشاب "باسيرو ديوماي فاي" بالانتخابات الرئاسية وإزاحته للحرس القديم من قصر "الجمهورية" بالعاصمة داكار.

ومع أن الرسالة الأولى للرئيس الذي أحدث زلزالا سياسيا في البلاد بفوزه من الجولة الأولى على كل خصومه السياسيين بما في ذلك مرشحي الحزب الحاكم كانت أن "السنغال سيبقى الحليف الأمن والموثوق به" إلا أن فاي ماض في التغيير الجذري وبالسرعة القصوى.

وقال الرئيس الذي أحال النخبة السياسية التي حكمت البلاد لسنوات إلى التقاعد في خطابه الأول (خطاب التنصيب): "أود أن أقول للمجتمع الدولي ولشركائنا....، أن السنغال ستحتفظ بمكانتها دائما، وستظل البلد الصديق والحليف الآمن والموثوق به، لأي شريك سينخرط معنا في تعاون شريف ومحترم ومثمر للطرفين". 

وبعد أن وضع الشروط الجديدة للسنغال (وهي الشرف والاحترام والمصالح) قال الرئيس الذي انتقل توا من السجن إلى القصر أن الشعب السنغالي قد اختار القطيعة مع النظام القائم في البلاد كما أفصح عن عزمه إحداث تغييرات داخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" وهو ما يتماهى مع كل ما يحدث في الجوار الإقليمي (مالي والنيجر وبوركينافاسو)

وحدد في ذات الخطاب الأولويات الخمس لعهدته الأولى وهي "المصالحة الوطنية" و"بناء المؤسسات" و"تدعيم القدرة الشرائية للسنغاليين وتخفيض تكاليف المعيشة" و"الحكم الراشد (التواضع) و"الشفافية ومحاربة الفساد".



عهد جديد...أدوات جديدة

ومع أن السنغال ديمقراطية عريقة في غرب إفريقيا وبلاد مستقرة في محيط متقلب تهزه في كل مرة الانقلابات العسكرية هنا وهناك أثبت السنغاليون من خلال فرضهم للموعد الانتخابي وتغييرهم من خلال الصناديق وليس البنادق كعبهم العالي في كامل إفريقيا.

وتحت وطأة الحركة الإفريقية المناوئة للكلونيالية الجديدة أوصل السنغاليون وجها جديدا للحكم صدح بالتطلعات العميقة للبسطاء وبأملهم الجارف في الانعتاق من نظام بائد لطالما ارتبط بالمستعمر القديم وأقام شبكة من العلاقات التي تقايض فيها الثروات مقابل البقاء في السلطة.

وعلى غرار "الأباء المؤسسين" حمل فاي خطابا يدعو إلى "العمل والأخلاق والأخوة" وهي ثلاثية يحتاجها السنغال في الظرف الراهن من أجل الحفاظ على المكتسبات الوطنية وحماية الجمهورية وانتقال السلطة من الحرس القديم إلى الجيل الجديد دون فترات انتقالية أو حوارات وطنية تنتهي بأن يكون صاحب البذلة العسكرية حاكما إلى ما لا نهاية.

وفي كل كلماته وخطاباته ردد "الغر" في السياسة سنفونية "الكبار" في التاريخ فجعل التحرر مطرقته والاستقلال سندانه وقال بوضوح أن الحرية تعني القطيعة (مع الاستعمار الفرنسي) بكل أبعادها السياسية والاقتصادية والتخلي عن نمط الحكم البائد والمبدد للثروة تحت عباءة "الحكم الوطني" و"أحزاب الوطنيين".

وزيادة على ذلك، يعني التحرر عند فاي ألا تبقى السنغال حبيسة الثقافة واللغة والهوية الفرنسية وهي تمتلك من حضارتها الأصلية ما يجعلها بلدا رائدا وقاطرة للبلدان الإفريقية المجاورة التي تشاركها إرث الأجداد والرؤية التي وضعها الأباء (شعب إيمان وهدف).

لطفي فراج

تاريخ Apr 29, 2024