الحراك الإخباري - دموع منصور
إعلان
إعلان

دموع منصور

منذ أسبوع|الأخبار


لم تكن كافية دموع المندوب الدائم لفلسطين بالأمم المتحدة رياض منصور لوصف حالة العجز التي وصلت إليها المجموعة الدولية في مواجهة اليد الأثمة.

ولن تكون "عبرة" السفير الفلسطيني الذي كان يحمل معه عبرات الفلسطينيين في غزة والضفة والقدس والشتات كافية أيضا لتعبير عن الخزي الذي يختفي وراءه المندوب الأمريكي وهو يسقط في تلك اللحظة التي رفع فيها الفيتو أوهام السلام وخديعة الدولتين.

ولكن ماذا قال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة عقب إفشال النقض الأمريكي لمشروع القرار الجزائري في مجلس الأمن؟

خطوة منتظرة، فوتها التحيز الأمريكي مجددا

وقال منصور أن "عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة ليست بالأمر الرمزي، بل إنها أمرا في غاية الأهمية للفلسطينيين ولشعوب المنطقة في هذه المرحلة الدقيقة."

وتابع السفير "هذه خطوة منتظرة منذ عام 1947، وهي خطوة ضرورية نحو العدول عن الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني منذ قرار التقسيم، مرورا بالنكبة، ووصولا إلى يومنا هذا، وليعود الإيمان بالشرعية الدولية والقانون الدولي، وبهذه المنظمة وميثاقها".

وقبل أن يعبر المتحدث عن موقف بلاده بعد التصويت الأمريكي المخزي رافع عن وجاهة المطلب الفلسطيني حين قال إن هذه العضوية تعيد الأمل في التسوية السلمية للصراع.

وتابع منصور أن هذه الخطوة "هي أحد صور تجسيد حقنا في تقرير المصير، وهي تكريس لشرعية دولة فلسطين بشكل لا يمكن التراجع عنه من قبل أي طرف، وهي حماية وصون لأرض دولة فلسطين حتى لا تقُدم كهدايا أو تُقسم كبقايا كما حدث".

وشدد على أن "عضوية فلسطين في الأمم المتحدة هو استثمار في السلام وانطلاقا له، إن عضويتنا الكاملة في الأمم المتحدة لا تنتقص من حقوق أي من الدول الأعضاء ولا تهدد أو تنفي عضوية أي منها، وتأييدكم منح دولة فلسطين العضوية الكاملة وضعنا على طريق الأمل، وعدم تبني القرار لن يكسر إرادتنا ولن يثنينا ولم يهزم عزيمتنا، فدولة فلسطين حتمية موجودة }يرونها بعيدة ونراها قريبة وإنا لصادقون{".

حق غير قابل للمساومة ولا التفاوض

وأضاف السفير الفلسطيني "لم يكن يوما حقنا في تقرير المصير خاضعا للمساومة والتفاوض، فهو حق طبيعي وتاريخي وقانوني في العيش في وطننا فلسطين، كدولة مستقلة حرة ذات سيادة، وهو غير قابل للتصرف، وغير مرتبط بزمن أو توقيت، فهو حق أزلي، دائم ومستمر، لا يؤجل ولا يعلق ولا يسقط بالتقادم".

وقال "من المهم، أنه لا يخضع لأي تحكم أو أي تسلط أو تشرط، لاسيما من قبل إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، القوة القائمة بالتطهير العرقي، القوة القائمة بالإبادة الجماعية، القوة الاستعمارية المنهمكة في طرد شعبنا عن أرضه، ومحو هويته، واستبدال ماضيه وتراثه، واستئصال حاضره وحضارته، وحصار مستقبله وآفاقه".

وشدد السفير منصور على أن الشعب الفلسطيني لن يختفي، ولن يندثر، وأنه واقع وتاريخ لا يمكن إزالته، متابعا: "لقد بقي هذا الشعب العظيم على أرضه ليس منة أو رحمة من اسرائيل، بل صبرا وصمودا وأملا وتضحية، رغم الاحتلال والقهر والاستعباد والمحاصرة والمطاردة والتشريد والتهجير واللجوء".

وأشار إلى أنه "تم التحذير مرارا من سياسة اسرائيل الاستعمارية في أرضنا والتي لا تعلنها على الملأ فحسب، بل أصبحت تتفاخر بها، كما أننا حذرنا من غياب أفق الحل، ومن مغبة تجاهل القضية الفلسطينية ومركزيتها، وتجاهل معاناة الشعب الفلسطيني المتزايدة، وادعاء أن السلام العادل ممكن في منطقتنا بدون حل للقضية الفلسطينية بشكل عادل وشامل ودائم." 

نقض لصالح الكيان الصهيوني ومشروعه الوهمي

وبعد أن أكد أن اللجوء إلى مجلس الأمن كان لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولوضع المجموعة الدولية أمام مسؤوليتها التاريخية لإرساء السلام العادل والشامل ولإحياء الأمل المفقود وترجمة الالتزام بحل الدولتين إلى فعل حقيقي ثابت ولا يحتمل المراوغة أو التراجع حي السفير الفلسطيني موقف المصوتين لصالح القرار باعتباره انتصارا للعدل والحرية والأمل واتساقا مع المبادئ الأخلاقية والإنسانية والقانونية وللمنطق.

وتابع "لقد قبلنا بحل الدولتين على حدود 1967 كرؤية دولية للسلام، ولقد قدمت الدول العربية المبادرة العربية للسلام دعما لهذه الرؤية، ولقد بنينا دولتنا بسواعد بناتنا وأبنائنا وبدعم وثقة من المجتمع الدولي رغم العراقيل والعقبات الاسرائيلية. وانخرطنا في العملية السلمية بما يضمن مصالحنا الوطنية العليا والتزمنا بأسس التسوية السلمية والقانونية للصراع. وما زالت القيادة الفلسطينية، ملتزمة بهذا المسار السلمي، ونجدد مطالبتنا بانعقاد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية دولية متعددة الأطراف يهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق استقلال دولة فلسطين."

وأشار السفير منصور إلى أن اسرائيل تصر عبر حكوماتها المتتالية على الاحتلال والقتل والحصار والتهجير والاستيطان، وكلها سياسات وممارسات منافية لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها وتصب في تحقيق هدف واحد – وهو القضاء على أي أمل بسيادة دولة فلسطينية، ووجودها كدولة قابلة للحياة.

ونوه إلى أن الكيان الصهيوني يرى أن الدولة الفلسطينية تشكل تهديدا استراتيجيا دائما لها، وستفعل كل ما بوسعها لمنع سيادة الدولة فلسطينية، وليُنفى الشعب الفلسطيني خارج أرضه أو ليبقى تحت احتلالها إلى الأبد.

وشدد على "أن اسرائيل لا تريد حل الدولتين، ولا تريد دولة فلسطينية، فهذه خطتها التي وافق عليها الكنيست ويعلنها أعضائه، والتي يصرح بها أيضا السياسيون والمسؤولون في الحكومة الإسرائيلية. ولقد تفاخر بها نتانياهو كإنجاز سياسي لنجاحه في منع قيام دولة فلسطين. وأعلنها في خريطة الوهم التي رفعها أمام الجمعية العامة في سبتمبر الماضي، خريطة إسرائيل من النهر إلى البحر، تعدم وجود فلسطين. هذه هي خطة حكومته المتطرفة، التخلص من فلسطين والفلسطينيين. وهذا وهم ولكن للأسف رأينا كيف يكون الوهم مكلف للأرواح البريئة".


أن "تنصفوه" أو "تنسفوه"

وقبل أن يصل المندوب الفلسطيني إلى جوهر القول تساءل مجددا "هل تعلمون ماذا تحتاج إسرائيل لتنفيذ خطة الوهم هذه، خطة طرد الشعب وضم الأرض؟ هي تحتاج فقط المزيد من الوقت والمزيد من الحصانة والمزيد من الأرواح والدماء، ماذا سيفعل المجتمع الدولي؟ ماذا ستفعلون؟ هل ستمنحوا اسرائيل الوقت الذي تحتاج لضم الأرض؟ هل ستمنحوها الحصانة لطرد الشعب والفتك به؟ هل ستزودها بالأسلحة لزهق المزيد من الأرواح؟ هل ستستخدمون حق الفيتو على حقنا في الوجود على أرضنا، وعلى حق دولة فلسطين في العضوية الكاملة في الأمم المتحدة؟".


وأردف "لقد تحمل شعبنا الفلسطيني مالا طاقة له به من شتى أنواع التنكيل على يد المحتل الإسرائيلي، ولعله أصبح واضحا الآن أكثر من أي وقت مضى أن هذا الشعب العظيم لم ولن يتنازل عن حقه في أرضه. رغم هول المآسي ومرارة الفقد، وجسامة التدمير والنزوح".

وأكد منصور أن "شعبنا الفلسطيني لم يفقد إنسانيته، فهو الآن يبحث عن بقايا الحياة، ولن تجدوا من هو أكثر توقا لعيش الحياة العادية كشعبنا في غزة. بل إن شعبنا الفلسطيني كافة في كل أماكن تواجده يريد الحياة ويتشبث بها، كسائر شعوب الأرض، شعب يتوق للحرية والحياة الكريمة والعيش بسلام".

وبعد أن حبس الدموع وسد العبرات واستجمع الكلمات قال الفلسطيني المناضل في أروقة الأمم المتحدة "شعبنا الفلسطيني لن يختفي ولن يندثر ولم يكن يوما فائضا عن الحاجة. إما أن تنصفوه أو تنسفوه". 

لطفي فراج

تاريخ Apr 19, 2024