ما إن انتهى خطاب الرئيس تبون أمام العمال الجزائريين، أو ما أصبح يسمى بخطاب "الحجرة" حتى بدأت أبواق المخزن بالعويل مصداقا للمقولة الجزائرية الشعبية التي لم يفصح عنها الرئيس ويعرفها الجزائريون جميعا "لي توسوس راني عليه".
ولأن الرأي العام في الجزائر لا يخلو من بعض الأبواق التي تستغل فكرة "الرأي المخالف" (الآخر) للتعبير عما بدواخلها، تجد الصحافة الدولية التي تتابع حركات وسكنات الرئيس تبون الشماعة التي من خلالها سيتم وصف كل ما يحدث في البلاد بأنه "شد وجذب" أو "جدل".
ولا يتأخر العياشة الموجودون في قناة الحرة الأمريكية عن ركوب الموجة ومن خلال مقال "تافه" يحاولون ربط كلمات الرئيس التي تنبع من الثقافة الشعبية الجزائرية ويتداولها عمي موح وخالي أمقران يوميا بالوضع العام للبلاد.
ومع أن محاولتهم البائسة لإخفاء ما جاء في الخطاب الذي يلخص عهدة رئاسية "مثالية" ولاسيما ما تعلق بعصرنة الجيش وتطوير الاقتصاد باءت بالفشل. فاللجوء إلى التشويش يصبح طوق النجاة.
وهكذا يتساءل مغاربة الحرة هل الخطاب للداخل أم للخارج؟ وهل هو للسياسيين أم لغيرهم؟ وهل هو تهديد أم ماذا؟
وللإجابة على هذه الأسئلة لابد من خبير كبير له دراية خاصة تتيح له الفرصة من أجل محاولة النيل من الجزائر ورموزها، فيصبح حديث الجزائريين "سوقيا" وكلامهم "شعبويا" يخلو تارة من "الرزانة" وتارة أخرى من "القدرة على التأثير".
أصدقاء الخبير الذي يصبح جزائريا في الصحافة المخزنية يذهبون بعيدا فيتحدثون عن السخرية أو التهكم ويمنحون أقلامهم لصغار المحللين الذين ولدو بعد الحراك بقليل وتحولوا إلى مرتزقة من فئة التكاتكة (تيك توك) وهي الفئة الضالة التي ظهرت بعد الفايسبكة (الفايسبوك) فيصبون حقدهم مقابل دراهم قليلة سرعان ما تحول إليهم عبر التجاري وفا بنك.
وبالرغم من عبارات "لغة الحجر" و"ثقافة الحجر" وحتى "حجارة تبون" التي استعملها "الحاقدون" كتابة أو كلاما فالرسالة تكون قد وصلت إلى صاحبها فعلا وهي رد بليغ لمعتنقي "اليد الممدودة" التي تخفي خلفها "اليد المسموعة" ولاسيما أن الرئيس قد اختار في لعبة الأيادي "الورقة والحجرة والمقص" على الأقل حتى الآن أن تكون يده من حديد.
ولأن عياشة المخزن (عاش الملك) وعياشة الباي بال (عاش PayPal) ينتمون إلى أولئك الذين لا يمتلكون ذاكرة فلا بأس أن نذكرهم بالملك "السليط" الذي سب شعبه على التلفزيون ونعت معارضيه بالأوباش وبالدراري وهددهم بالكلمات التي لا تليق بالملوك أو بالأشراف.
وحين قال ذات السليط "نخلي داركم" كان قد خلاها فعلا وهو يمطر الريف بالقنابل ويزج بالمناضلين في السجون وبعضهم لم يظهر له أثر أبدا.
أما خليفته فقد أقبر سنوات الرصاص دون عدالة وجعل المساس بذاكرة الأب من الموبقات الكبرى التي ترمي بصاحبها في أتون جهنم.
لطفي فراج